قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}.
فقد أمر الله الأنبياء بإقامة الدين وهو العمل به في أنفسهم وفي الناس، ولذلك أمرهم بالدعوة والتبيين والنذارة فقال سبحانه وتعالى: {رسلاً مبشّرين ومنذرين}، فمهمّة الأنبياء هداية الخلق وتعليمهم ما يحبّه ربّنا ويغضبه، قال تعالى: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قوم هاد}.
وقال تعالى: {إنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم}، وهذه هداية الدعوة والدلالة والإرشاد، وأنزل معهم الكتب وعلمهم الحكمة، قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة}.
وقذف الله في قلوب الأنبياء الرحمة على الخلق والرغبة الشديدة في هدايتهم، كما قال تعالى: {فلعلّك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا}، وقد سمّى الله نبيّه محمّداً بالرؤوف الرحيم، قال تعالى: {بالمؤمنين رؤوف رحيم}.
وكان آخر الأنبياء هو نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتمهم، قال تعالى: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيّين}.
وقال صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجلٍ بنى داراً فأكملها وأحسنها إلاّ موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها يتعجّبون ويقولون: لولا موضع اللبنة) [رواه البخاري]، وزاد مسلم: قال رسول الله: (فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء).
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، بيد أنّ كلّ أمّة أوتيت الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم).
وقد أُرسلَ محمّدٌ صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، من أبيضٍ وأسودٍ وأحمر، وإلى العرب والعجم، وإلى الوثنيين واليهود والنصارى، قال تعالى: {وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيراً ونذيراً}.
وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفس محمّد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهوديّ ولا نصرانيّ ثمّ يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلتُ به إلاّ كان من أهل النار) [3].
وقال صلى الله عليه وسلم، فيه كذلك: (وكان الرسول يبعث في قومه خاصّة وبُعِثتُ إلى الناس عامّة) [4].
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.