أحمد نهرو Admin
الدولة : عدد المساهمات : 47 نقاط : 125 تاريخ التسجيل : 10/02/2012
| موضوع: يا أيها الرجلُ المريد نجاتَه الخميس يونيو 14, 2012 4:46 pm | |
| قال الحافظ ابن القيم رحمه الله
في قصيدته النونية الشهيرة
يا أيها الرجلُ المريد نجاتَه ــ اسمع مقالةَ ناصحٍ مِعوانِ
كن في أمورك كلِّها متمسكا ــ بالوحي لا بزخارف الهذيان
وانصر كتاب الله والسنن التي ــ جاءت عن المبعوث بالفرقان
واضربْ بسيفِ الوحي كل معطلٍ ــ ضربَ المجاهدِ فوق كل بنانِ
واحمل بعزم الصدق حملة مخلص ــ متجرد لله غير جبان
واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى ــ فإذا أصبت ففي رضا الرحمن
واجعل كتابَ الله والسننَ التي ــ ثبتت سلاحَك ثم صِحْ بجنانِ
من ذا يُبارزْ فلْيُقدَمْ نفسَه ــ أو من يُسابقْ يبدُ في الميدانِ
واصدعْ بما قال الرسولُ ولا تخفْ ــ من قِلَةِ الأنصارِ والأعوانِ
فاللهُ ناصرُ ديِنه وكتابِهِ ــ واللهُ كافٍ عبدَه بأمانِ
لا تخشَ كثرتهم فهم همجُ الورى ــ وذبابُه أتخافُ من ذُبانِ ؟!
فجنودُ أتباعِ الرسولِ مِلائكٌ ــ وجنودُهم فعساكر الشيطانِ
شتان بين العسكرين فمن يكن ــ متحيرا فلينظر الفئتان
وأثبت وقاتل تحت رايات الهدى ــ واصبر فنصر الله ربك دان
واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى ــ للد رد مقاتل الفرسان
وادرأ بلفظ النص في نحر العدا ــ وارجمهم بثواقب الشهبان
لا تخشَ كثرتهم فهم همجُ الورى ــ وذبابُه أتخافُ من ذُبانِ ؟!
واشغلهم عند الجدال ببعضهم ــ بعضا فذاك الحزم للفرسان
وإذا هم حملوا عليك فلا تكن ــ فزعا لحملتهم ولا بجبان
واثبت ولا تحمل بلا جند فما ــ هذا بمحمود لدى الشجعان
فاذا رأيت عصابة الإسلام قد ــ وافت عساكرها مع السلطان
فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ــ بالعاجز الواني ولا الفزعان
وتعر من ثوبين من يلبسهما ــ يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ــ ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالانصاف أفخر حلة ــ زينت بها الأعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع ــ نصح الرسول فحبذا الأمران
وتمسكن بحبله وبوحيه ــ وتوكلن حقيقة التكلان
فالحق وصف الرب وهو صراطه الـ ــ هادي اليه لصاحب الإيمان
وهو الصراط عليه رب العرش أيـ ــ ضا وذا قد جاء في القرآن
والحق منصور وممتحن فلا ــ تعجب فهذي سنة الرحمن
وبذاك يظهر حزبه من حزبه ــ ولأجل ذاك الناس طائفتان
ولأجل ذاك الحرب بين الرسل والـ ــ كفار مذ قام الورى سجلان
لكنما العقبى لأهل الحق أن ــ فأتت هنا كان لدى الديان
فاجعل لقلبك هجرتين ولا تنم ــ فهما على كل امرئ فرضان
فالهجرة الأولى إلى الرحمن بالـ ــ إخلاص في سرٍّ وفي إعلان
فالقصد وجه الله بالأقوال وال ــ أعمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من أشراكه ــ ويصير حقا عابد الرحمن
والهجرة الأخرى الى المبعوث بالـ ــ حق المبين وواضح البرهان
فيدور مع قول الرسول وفعله ــ نفيا وإثباتا بلا روغان
ويحتكم الوحي المبين على الذي ــ قال الشيوخ فعنده حكمان
لا يحكمان بباطل أبدا وكل ــ العدل قد جاءت به الحكمان
وهما كتاب الله أعدل حاكم ــ فيه الشفا وهداية الحيان
والحاكم الثاني كلام رسوله ــ ما ثم غيرهما لذي ايمان
فاذا دعوك لغير حكمهما فلا ــ سمعا لداعي الكفر والعصيان
قل لا كرامة لا ولا نعمى ولا ــ طوعا لمن يدعو الى طغيان
وإذا دعيت الى الرسول فقل لهم ــ سمعا وطوعا لست ذا عصيان
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ــ فأثبت فصيحتهم كمثل دخان
يرقى الى الأوج الرفيع وبعده ــ يهوي الى قعر الحضيض الداني
هذا وإن قتال حزب الله بالـ ــ أعمال لا بكتائب الشجعان
والله ما فتحوا البلاد بكثرة ــ أنى وأعداءهم بلا حسبان
وكذاك ما فتحوا القلوب بهذه الـ ــ آراء بل بالعلم والإيمان
وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ــ نفس وذا محذور كل جبان
وشجاعة الحكام والعلماء زهـ ــ ـد في الثناء من كل ذي بطلان
فإذا هما اجتمعا لقلب صادق ــ شدت ركائبه الى الرحمن
واقصد الى الأقران لا أطرافها ــ فالعز تحت مقاتل الأقران
واسمع نصيحة من له خبر بما ــ عند الورى من كثرة الجولان
ما عندهم والله خير غير ما ــ أخذوه عمن جاء بالقرآن
والكل بعد فبدعة أو فرية ــ أو بحث تشكيك ورأي فلان
فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ــ في الله واخشاه تفز بأمان
واهجر ولو كل الورى في ذاته ــ لا في هواك ونخوة الشيطان
واصبر بغير تسخط وشكاية ــ واصفح بغير عتاب من هو جان
واهجرهم الهجر الجميل بلا أذى ــ أن لم يكن بد من الهجران
وانظر إلى الأقدار جارية بما ــ قد شاء من غي ومن إيمان
واجعل لقلبك مقلتين كلاهما ــ بالحق في ذا الخلق ناظرتان
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها ــ اذ لا ترد مشيئة الديان
وانظر بعين الأمر واحملهم على ــ أحكامه فهما اذا نظران
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما ــ من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم ــ فالقلب بين أصابع الرحمن
واحذر كمائن نفسك اللاتي متى ــ خرجت عليك كسرت كسر مهان
واذا انتصرت لها فأنت كَمَنْ بَغى ــ طَفْيَ الدخان بموقد النيران
والله أخبر وهو أصدق قائل ــ أن سوف ينصر عبده بأمان
من يعمل السوءى سيجزى مثلها ــ أو يعمل الحسنى يفز بجنان
هذي وصية ناصح ولنفسه ــ وصي وبعد سائر الاخوان
| |
|